لكل شيخ عامر أو حاجج
, وإنما أضيف الحج والعمرة لله في قوله تعالى وأتموا الحج والعمرة لله ولم تضف بقية العبادات له ; لأنهما مما يكثر الرياء فيهما جدا ويدل على ذلك الاستقراء حتى إن كثيرا من الحجاج لا يكاد يسمع حديثا في شيء إلا ذكر له ما اتفق له في حجه , فلما كانا مظنة الرياء قيل
فيهما : لله اعتناء بالإخلاص والحج في الشرع ما أشار إليه ابن عرفة بقوله : ويمكن رسمه بأنه عبادة يلزمها الوقوف بعرفة ليلة عاشر ذي الحجة , وحده بزيارة وطواف ذي طهر أخص بالبيت عن يساره سبعا بعد فجر يوم النحر , وسعي من الصفا إلى المروة , ومنها إليه
سبعا بعد طواف كذلك لا بقيد وقته بإحرام في الجميع , فقوله : عبادة جنس يدخل فيه الصلاة وغيرها وقوله يلزمها إلخ خاصة لها ; لأنها يلزمها ذلك , ولا يفارقها فتمتاز عن كل عبادة شرعية بذلك وشمل الرسم الصحيح من الحج والفاسد ولا يخفى أن لزوم الوقوف ليس
جزءا من ماهية الحج , بل هو أمر خارج عنها , والذي هو جزؤها فعل الوقوف لا لزومه وبهذا يتبين صحة جعل ما ذكر رسما لكن قوله بعد : وحده بزيارة وطواف إلخ ينافي ذلك . ولو حده بقوله : عبادة ذات وقوف بعرفة ليلة عشر ذي الحجة وطواف إلخ لأتى بالمقصود
ولم يرد عليه ما مر , فإن قلت : ما سر كونه عرف الحج بتعريفين وذكر في الثاني جميع لوازمه شرعا وعرف الصلاة تعريفا واحدا ؟ قلت : ويمكن الجواب بأنه لما ذكر ما ذكره من عسر الحج ( تعريفه ) أراد أن يبين يسره بحدين برسم تام وبحد على ما فيه وأن الفقيه
العارف بقواعد الشريعة لا يصعب عليه ذلك , ففي ذلك نوع من التنكيت على من عسر عليه , وقوله : ذي طهر أي : شخص ذي طهر , والمراد بكون الطهر أخص أن يكون من الحدث الأصغر والأكبر , أو مما ذكر ومن الخبث , وبعبارة أخرى والطهر الأخص هو رفع
الحدث الأصغر ; لأنه يلزم من ثبوته وجود الطهارة الكبرى , ولا يلزم من وجود الكبرى ثبوت رفع الحدث الأصغر فلذا قيل ذي طهر أخص ; لأنه لو قال ذي طهر فقط لصدق بالطهارة الكبرى , وقد أحدث حدثا أصغر فيلزم أن يصح الطواف له وليس كذلك , وقوله : عن
يساره بيان لصحة الطواف الشرعي ونصب سبعا على المصدر , وقوله : بعد فجر يوم النحر أخرج به طواف القدوم فإنه ليس من الأركان , وقوله : وسعي معطوف على طواف , وقوله : , ومنها أي : من المروة إلى الصفا . وقوله : بعد طواف كذلك أي : مثل الطواف
المذكور بصفته , وهو طواف ذي طهر أخص إلخ , وقوله : لا بقيد وقته أخرج به خصوص طواف الإفاضة المذكور وإن السعي إنما يشترط فيه حصول طواف قبله صحيح شرعي ; لا خصوص طواف الإفاضة , ولا يشترط فيه أن يكون طوافا واجبا , وقوله : بإحرام في
الجميع صفة لعبادة أي : عبادة مصحوبة بإحرام في جميع ما ذكر وفيه إشارة إلى أن الحج عبادات مجتمعة , وإن الإحرام مصحوب بكل منها ; لأنه لو لم يزد هذه الزيادة لكان من طاف بالبيت , ثم أحرم بعده أن يكون ذلك الطواف جزءا من الحج , ولا يصح ذلك , وكذلك غيره ويحتمل أن يريد أن إحرام الأركان لما كان مندرجا في إحرام الحج فصار بذلك الإحرام للجميع .
وأما العمرة فمعناها لغة الزيارة يقال اعتمر فلان فلانا إذا زاره ويقال : الاعتمار القصد وقيل إنما قيل للمحرم بالعمرة معتمر ; لأنه قصد أن يعمل في موضع عامر وشرعا عبادة يلزمها طواف وسعي فقط مع إحرام .[i][center]